"أولفينز 6": قصة استثمار سعودي في بريطانيا... من الحلم إلى الواقع المرير
6/26/20241 min read
في عام 2006، أقدمت شركة سابك السعودية، إحدى أكبر شركات البتروكيماويات في العالم، على خطوة استراتيجية طموحة تمثلت في الاستحواذ على مصنع "أولفينز 6" الواقع في منطقة تيسايد شمال شرقي بريطانيا، مقابل 826 مليون دولار. لم تكتفِ الشركة بعملية الشراء، بل ضخّت استثمارات ضخمة لتحديث المصنع وجعله أحد الأعمدة الرئيسية لتوسّعها في الأسواق الأوروبية، مع التركيز على تقليل الانبعاثات الكربونية ضمن توجه عالمي متزايد نحو الاستدامة.
لكن الواقع سرعان ما خالف التوقعات. فقد واجهت أوروبا لاحقًا أزمة طاقة حادة تسببت في ارتفاع غير مسبوق في تكاليف التشغيل. وبفعل القوانين البيئية الصارمة والضرائب المرتفعة المفروضة على الكربون، أصبح تشغيل المصنع عبئًا اقتصاديًا متزايدًا. وفي عام 2020، توقف المصنع عن الإنتاج، لتعلن سابك لاحقًا قرار إغلاقه الكامل في عام 2025، ما أدى إلى تكبد الشركة خسائر بمليارات الدولارات.
ورغم صعوبة القرار، فإن إغلاق المصنع كان خطوة ضرورية لتقليل الخسائر المستقبلية وحماية استقرار الشركة في بيئة دولية متقلبة.
دروس مستفادة من التجربة
1. أهمية الخبرة الدولية
الخبرة المحلية، مهما بلغت قوتها، لا تكفي وحدها لاتخاذ قرارات في صفقات دولية معقدة. يتوجب على الشركات الكبرى أن تستعين بمستشارين محايدين ذوي خبرة عالمية، لضمان تقييم شامل وغير متحيّز للفرص والمخاطر.
2. الدراسة المتأنية قبل الشراء
الاستحواذ على منشآت صناعية في أسواق أجنبية يجب أن يسبقه تحليل شامل للتاريخ التشغيلي والمالي للمصنع، ودراسة متعمقة للتشريعات المحلية وتوجهات السوق على المدى الطويل.
3. مرونة الإدارة في مواجهة الأزمات
القدرة على اتخاذ قرارات حاسمة في الوقت المناسب، حتى لو كانت مؤلمة، تُعد عنصرًا جوهريًا في بقاء الشركات العملاقة واستمرارها في بيئات أعمال متقلبة.
نظرة دولية غائبة
قد تكشف هذه التجربة عن نقص في الرؤية الدولية المتعمقة لدى صانعي القرار في سابك حينها، أو عن غياب فريق قيادي يمتلك فهمًا واسعًا لتقلبات السوق الأوروبية. في زمن العولمة، أصبحت الرؤية الدولية جزءًا لا يتجزأ من أي توسّع خارجي ناجح. فالمنافسة لا تقتصر على تقديم منتج أو خدمة، بل تشمل أيضًا فهم الديناميكيات الاقتصادية والسياسية والثقافية للسوق المستهدف.
خاتمة: درس في الاستثمار العالمي
قصة "أولفينز 6" ليست مجرد تجربة استثمارية فاشلة، بل درس عميق في عالم الأعمال الدولية، يُظهر أن النجاح لا يقوم فقط على ضخ الأموال والتخطيط، بل يعتمد على الاستعداد للتعامل مع المجهول، وامتلاك الشجاعة الكافية لاتخاذ قرارات مصيرية حين تتغير المعطيات.
وفي عالم لا يتوقف عن التغير، تظل المرونة والتخطيط بعيد المدى والرؤية العالمية هي الأسس الحقيقية لنجاح أي شركة تطمح إلى ريادة الأسواق العالمية.
Abdullah Strategic Hub
منصة متخصصة في تقديم الاستشارات التجارية وتحديد فرص الأعمال، نُمكِّنك من اتخاذ قرارات استراتيجية لبناء وتطوير مشاريع ناجحة في بيئة تنافسية.
تواصل الآن
+966536184659
© 2025. All rights reserved.